تعد رحلة نائبة الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس، إلى الشرق الأوسط خلال عطلة نهاية الأسبوع، بمثابة غزوة كبيرة للدبلوماسية في زمن الحرب، ومحاولة لإظهار موقف أكثر تشددًا للإدارة الأمريكية مع إسرائيل بشأن الخسائر المدنية الناجمة عن حربها ضد حركة حماس.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إن هذا المسعى رفيع المستوى، الذي تم الكشف عنه خلال قمة الأمم المتحدة للمناخ في دبي، خدم غرضًا مزدوجًا: مخاطبة القادة في المنطقة، وإيجاد صدى لدى الناخبين الأمريكيين الساخطين، لا سيما الديموغرافية التي دعمت الرئيس جو بايدن في عام 2020.

وأضافت الصحيفة أنه ضمن سلسلة من الاجتماعات والمكالمات المهمة التي امتدت لثلاث ساعات، ألقت هاريس رسالة قوية علنًا وسرًّا، محددة في تصريحاتها، التي وُصفت بأنها من أكثر التصريحات المباشرة التي يصدرها أي مسؤول أمريكي، المبادئ التوجيهية لسلوك إسرائيل في الصراع ومسؤولياتها بعد الحرب.

وشددت هاريس بشكل خاص على موقف الولايات المتحدة الثابت ضد الترحيل القسري للفلسطينيين أو حصار غزة أو إعادة رسم حدود غزة، وفق الصحيفة.

وبينما أكدت هاريس التوافق مع موقف الرئيس بايدن، أخذت زمام المبادرة في نقل توقعات الإدارة علنًا إلى القادة الإسرائيليين، الأمر الذي اعتبرته الصحيفة بمثابة خروج عن القنوات الدبلوماسية المعتادة، حيث يسلط حديث هاريس الضوء على الجدية التي تنظر بها الولايات المتحدة إلى حماية المدنيين في منطقة الصراع.

وبحسب الصحيفة، يهدف النهج الإستراتيجي الذي اتبعته هاريس خلال رحلتها إلى الشرق الأوسط أيضًا إلى تأمين دور دولي بارز، وإظهار براعتها الدبلوماسية إلى جانب تاريخ المشاركة العالمية الواسع النطاق للرئيس بايدن.

ومن خلال إقامة علاقات مع القادة الرئيسيين في المنطقة، استخدمت هاريس لغة قوية عن قصد، لتعكس المشاعر في العالم العربي وتحدد المبادئ التوجيهية للصراع وعواقبه، وفق الصحيفة.

وقالت "نيويورك تايمز" إنه تم تصميم رسائل نائبة الرئيس الأمريكي لمعالجة مخاوف القادة العرب، لا سيما فيما يتعلق باحتمال تهجير الفلسطينيين والتعديلات على حدود غزة، موضحة أنه في الوقت نفسه، كان المقصود من اللغة القوية أن تلقى صدى لدى القادة الإسرائيليين، مع تأكيد الحاجة إلى خطة واضحة تعطي الأولوية لحماية المدنيين.

واعترافًا بجمهورها المحلي، عبّرت هاريس عن رسالة سعت إلى طمأنة الأمريكيين، لا سيما أولئك داخل الحزب الديمقراطي الذين ينتقدون نهج الرئيس بايدن تجاه إسرائيل، بحسب الصحيفة.

وأكدت أن الموقف المتشدد لنائبة الرئيس ينسجم مع المشاعر السائدة بين بعض الديمقراطيين الذين يعتقدون أن إسرائيل يجب أن تتحمل مسؤولية أكبر عن حماية المدنيين في غزة.

ولفتت "نيويورك تايمز" إلى إفادة وزارة الصحة في غزة عن عدد كبير من القتلى المدنيين منذ تصاعد النزاع في أوائل أكتوبر/تشرين الأول.

ومع تزايد أعداد القتلى في غزة، حثت هاريس إسرائيل على تكثيف جهودها لحماية المدنيين الأبرياء في سعيها لتحقيق أهدافها العسكرية في القطاع، وفق الصحيفة.

وأوضحت أن مشاركة هاريس لم تقتصر على الساحة الدولية على الصراع في الشرق الأوسط؛ إذ كان هدفها الأساسي في دبي هو تمثيل الولايات المتحدة في قمة الأمم المتحدة للمناخ "COP28"، ورغم الإدلاء بتصريحات رسمية حول قضايا المناخ، إلا أن تركيزها ومناقشاتها تركزت في الغالب على حرب الشرق الأوسط المستمرة.

وأكدت الجدولة الدقيقة لنائبة الرئيس الأمريكي خلال القمة التزامها بمعالجة الصراع، وشمل ذلك إعطاء الأولوية للاجتماعات الحاسمة على حساب الأحداث الأخرى المتعلقة بالمناخ، مع تأكيد الضرورة الملحة التي تربطها بالوضع في الشرق الأوسط، وفق الصحيفة.

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول، إن الرحلة الدبلوماسية التي قامت بها كامالا هاريس إلى الشرق الأوسط، أظهرت جهدًا حازمًا للتأثير على سلوك إسرائيل في صراعها مع حماس، مخاطبة كلًّا من القادة الدوليين والجمهور المحلي الذي ينتقد نهج الإدارة، ومؤكدة أن لهجتها القوية، ورسائلها الإستراتيجية، وإعطائها الأولوية للصراع في الشرق الأوسط في قمة المناخ، تؤكد الأهمية التي توليها للأزمة المستمرة في المنطقة.