اليمن بين دعاة السلام ودعاة الحرب .. بقلم: علي الشمري

اليمن بين دعاة السلام ودعاة الحرب .. بقلم: علي الشمري

ليس سهلًا تحقيقُ سلام شامل في اليمن دون المرور بعقبات جسام يصعب تجاوزها في غالب الأحيان، حتى وإن كان مطلب السلام هدفًا تتمسك به بعض القوى السياسية، لا تتورع قوى أخرى عن تفكيك قواعد الحوار للمضي قُدمًا بآلة الحرب نحو مزيدٍ من الدمار والفوضى وسفك الدماء، بناء على إملاءات خارجية أو اعتقادات ظنية غير مجدية.
المثير للإعجاب، أن احتقان أطراف النزاع وتراكم عُقد الأزمة، إضافة إلى انغلاق المخارج السياسية منذ العام 2011، وجميعها أسباب بديهية وراء ديمومة النزاع واتساع رقعة الأزمة، لم تحل دون تمسك أطراف سياسية يمنية برافعة السلام كمخرج، وإن كان صعبًا، واعتباره الخيار المتقدم في أجندتها وأهدافها على كل الخيارات الأخرى.
في الواقع، يبدو مُلفتًا للانتباه الدورُ الذي يلعبه المجلس الانتقالي الجنوبي والمكتب السياسي للمقاومة الوطنية، على الأقل، أحدث هذان المكونان نوعًا من التوازن في العملية السياسية، وألغيا حالة التسلّط على دوائر صنع القرار منذ انخراطهما في العمل السياسي، قبل أن يتحولا سريعًا إلى أهم قوتين سياسيتين في مجلس القيادة الرئاسي الذي شُكل في السابع من أبريل الجاري ومُنح كامل صلاحيات رئيس الجمهورية لإدارة شؤون الدولة على كافة المستويات.
في مضمار السياسية، لا بد من تقديم أفضل ما لديك لتبني شعبيتك وحاضنتك الجماهيرية، وأي قوة سياسية تحظى بالمؤازة الشعبية العفوية تكون قد وضعت قدمًا في مضمار السباق السياسي لخطف اللقب، وينبغي عليها تلمس هموم وتطلعات الجماهير التي انحازت إليها، وهذا ما يبدو ملحوظًا فيما يتعلق بالمكتب السياسي للمقاومة الوطنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، اللذين يتربعان الآن على عرش الصدارة السياسية في اليمن، ويعيشان ذروة القوة، سياسيا وشعبيا وعسكريا.
جاءت أهمية هذين المكونين، اللذان تشكلا من فترة وجيزة، في كونهما يمثلان أهم القوى العسكرية التي جابهت الحوثيين، فمعلوم أن المكتب السياسي يمثل المقاومة الوطنية بقيادة العميد طارق صالح، ويمثل المجلس الانتقالي المقاومة الجنوبية بقيادة اللواء عيدروس الزبيدي الذي يعد إلى جانب طارق صالح أكثر شخصيتين مؤثريتين في المشهد السياسي اليمني.
لقد أثبتت التجارب السياسية في اليمن، أن الأحزاب السياسية انسلخت تماما عن مهمتها الوظيفية وكانت عادةً ما تتصدر المشهد عبر "الغش السياسي" والتحالفات الجهوية؛ وفي الفترة الأخيرة لوحظ أن معيار القوة أصبح هو الحاكم في تصدر الأحزاب السياسية، والمقصود بعامل القوة هنا، هو الالتزام السياسي والحاضنة الشعبية، وهذان العاملان متوفران لدى المكتب السياسي والمجلس الانتقالي، ومضاف إليهما عامل القوة العسكرية، وبهذه الثلاثة العوامل تمكن المكونان حديثا النشأة، من الوصول إلى عضوية مجلس القيادة الرئاسي الذي يعد اليوم مجلس الحكم في اليمن.
برغم ثراء القوة على مختلف المستويات، لا يزال اللواء الزبيدي والعميد طارق متمسكان بالسلام، وعادةً ما أبديا التأكيد على هذا المسار في اللقاءات التي جمعتهما بانفراد مع مسؤولين دوليين طيلة الفترة الماضية، إلا أنهما أيضا لا يستثنيان خيار الصد والمواجهة إذا ما استدعت الحاجة لذلك، أو ذهب الحوثيون المدعومون من إيران إلى خيار الحرب ونسف جهود السلام.
ومما لا شك فيه أن اللقاءات المكثفة التي عقدها الزبيدي وطارق في الرياض، مع مسؤولين من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وفرنسا، وغيرها من الدول الغربية، تشير إلى انفتاح المجتمع الدولي على المكتب السياسي والمجلس الانتقالي، بعد استعصاء الحل بالأدوات السياسية القديمة التي راكمت الإخفاقات، وعطلت كل فرص الحل.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار قناة دجلة الفضائية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :

أخبار أخرى

اكثر الاخبار قراءة

من برامجنا