هل من المفترض أن يموت بعض الناس كي ينعم آخرون؟

هل من المفترض أن يموت بعض الناس كي ينعم آخرون؟

بشير أبو العباس

وأنا في المنطقة البغدادية العريقة الكرادة ندهني صوتا لشخص كان جالسا بسيارة تشارجر حمراء طراز 2017، عندما نظرت إليه للمرة الأولى لم أعرفه فقلت تفضل أخي، فترجل من السيارة وقال، ماهذا يا صديقي ألم تعرفني؟ فقلت له، صراحة إن هيئتك ليست غريبة على أنظاري وحتى صوتك لكن أعذرني قد يكون الزمن، فقال أنا صديقك فلان الفلاني.. وعندما تمعنت به استغربت وابتسمت فبادر باحتضاني فاحتضنته.

أنا استغربت لأنني أعرف حالته المادية المتعبة جيدا ومنذ عشرين عاما لم أراه، ولكنني خجلت أن أسأله فقال أنت نفس ملامحك لم تتغير فقلت أما أنت فتغيرت كثيرا يا صديقي.

لم يكن لدي الوقت الكافي لأجلس معه ولكنه أصر أن نجلس ولو لربع ساعة فوافقت فضولا مني كي أعرف مالذي حل به.

قال غن تفجيراً أخذ مني والدي وأخواي وعمومتي الأربعة وأولادهم الثمانية وحتى زوجاتهم عندما حصل تفجير في سيطرة مدخل محافظة بابل، حينها كانوا ذاهبين إلى زيارة القبور في النجف ولم يبق من الأعمام سواي وبنت عم واحدة تكبرني سناً غير متزوجة وبالنتيجة أنا وأبنت عمي ورثنا كل أملاك والدي وعمومتي.

وروى لي أن أبنة عمه هي التي عرضت عليه أن يتزوجها بداعي أن لا يأتي غريبا فيستحوذ على نصف التركة، إلا أنه أبى الموافقة ورفض تحت ذريعة أنه ينظر إليها كأخت فضلا عن أنها تكبره بسبع سنوات.

صاحبنا وبعد إلحاح شديد من أخوال الطرفين وبناءً على بعض الاستشارات من أصدقاء مقربين له نصحوه بأن يلم شمل العائلة ليكوّن عشيرة جديدة من صلبهِ، وافق فتزوجها وحاليا هو أب لأربعة أولاد وطفلتين.

يملك عمارتين في الكرادة ومنزلين كبيرين فاخرين أحدهما على محيط الكاظمية والآخر في حي المهندسين بشارع فلسطين وشقة في بيروت وأخرى في اسطنبول، إضافة إلى معرض للسيارات، أما عن أبنت عمه فقال باللهجة العراقية ( حاليا إذا تشوفها تكول أصغر مني) ففهمت لوحدي أن المال يصنع الجمال حاليا.

أخيرا قلت له يا صاحبي أنا تأخرت ويجب أن أذهب لأن عملي يتطلب بصمة الإبهام لأسجل حضوري فقال ( الله يساعدك مساكين أنتم معشر الصحافة ) فذهبت من غير حتى أن أأخذ رقم محمولهِ ..

عندما ركبت سيارتي صرت أفكر هل أحزن من أجله أم أفرح له .. فهل من المفترض أن يموت بعض الناس كي ينعم آخرون؟؟.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار قناة دجلة الفضائية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :

أخبار أخرى

اكثر الاخبار قراءة

من برامجنا