الفساد في رعاية رؤوس كبيرة يتكسر كل رأس يحاول مناطحتها

الفساد في رعاية رؤوس كبيرة يتكسر كل رأس يحاول مناطحتها

محمود المفرجي الحسيني

اذا كان وباء كورونا هو اخطر وباء ضرب العالم، فيمكن القول ان العراق ضربَ من بوباء اخطر من كورونا منذ 18 عاما، وهو وباء "الفساد".


فاذا كان هناك لقاح او ترياق لوباء كورونا، فان الفساد في العراق لا يمكن لاي طبيب في العالم ايجاد له اي ترياق او لقاح بعدما استشرى بشكل منقطع النظير في كل الجسد العراقي وربما اصبح بشكل مقنن وواقعا مفروضا لا يمكن السيطرة عليه.


واذا كان كورونا ينقل العدوى لجميع البشر، لفترة وجيزة، فان عدوى الفساد في العراق دائمية وهي لا تصيب الا ثلة معينة من بعض السياسيين والقريبين واصحاب رؤوس الاموال منهم ممن ابتسمعت لهم الدنيا وفتحت اذرعها لاستقبالهم.


الفرق بين وبائي كورونا والفساد، هو ان المصاب بكورونا يعاني من شدة مرضه وربما يتعرض للموت، اما وباء الفساد، فانه يجعل المصاب به يعيش في ترف ولفترة طويلة ربما اكثر من عمره الذي كتبه الله له، فيما يمرض الاخرين غير المصابين به.


والفساد يملك رؤوس كبيرة حديدية صلدة، يتكسر على يافوخها اي رأس حاول مناطحتها، ويقطع اي لسان حاول مسالنتها.


وهذا ما ادلى به، الخبير الاستراتيجي المحلل السياسي، جاسم الموسوي، الذي قال لـ "دجلة"، انه "اذا تم فتح ملفات الفساد بشكل عميق، فستسقط رؤوس كبيرة وقفت مع الفساد، وقد تكون هذه المعادلة هي بداية لخوض حرب داخلية بين القوى السياسية والحكومة".


واضاف، ان "العراق في ظل التوازن السياسي الحالي، لن يتمكن لان الرؤوس الكبيرة متعددة، وهي تملك الخيارات السياسية والسلاح، فالفساد ليس مال، انما مافيات تستطيع تغيير الحالة من الاستقرار الى اللا استقرار".


لكن الموسوي اوضح، انه "متى استطاع العراق الى التأسيس لمنظومة حكومية تواجه الفساد وقادرة على الضرب بيد من حديد، وان تتخلى القوى السياسية عن الوزارات المنتهكة عند ذلك يمكن محاربته".


من جهته حذر سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي، من مغبة استمرار الفاسدين في تغذية الجماعات المسلحة والفصائل من خلال الموازنة والمشاريع الوهمية، فيما أوضح ان الانتخابات المقبلة قد تكون فاتحة في تحسين مفاصل الدولة في حال نزاهتها.


وقال فهمي في تصريح سابق لـ"دجلة"، ان "وجود الدولة بات مهددا من خلال الجماعات المسلحة والفصائل المرتبطة بالاحزاب وغيرها كونها تعتاش على تسريب الاموال من خلال الفاسدين ضمن الموازنة".


واضاف ان "اصلاح منظومة المحاصصة السياسية الطائفية امر مستحيل، سيما بعد الرفض الشعبي المتزايد لها وعلى الجميع ايجاد بدائل اكثر وطنية لادارة البلد".


واشار فهمي الى ان "الاصلاح السياسي لا يمر الا عبر الانتخابات النزيهة بعد حصول القوى المعتدلة على مقاعد تؤهلها من ادارة البلد لمنع الفساد والفوضى".


الى ذلك أكدت لجنة النزاهة النيابية، أن الفساد ما زال يعرقل تعظيم إيرادات المنافذ الحدودية.


وطالب عضو اللجنة طه الدفاعي في بيان، "هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية والجهات الرقابية الأخرى بإجراء مقارنة بين إيرادات المنافذ الحدودية للسنوات الماضية وإيراداتها الحالية للإطلاع على التراجع في إيراداتها، مبيناً أن الفساد المستشري في المنافذ والتراخي من قبل الحكومة مازال يعرقل تعظيم إيراداتها".


وأضاف، أن "مافيات الفساد مازالت تسيطر على المنافذ الحدودية وتستحوذ على معظم إيراداتها، ولا تكتفي بما تنهبه من هذه الإيرادات بل تسمح بإدخال المواد الممنوعة من الاستيراد إلى البلد مقابل مبالغ مالية".


وأشار إلى أن "حملة الإصلاح التي باشرت بها الحكومة كانت مؤقتة وشبه عقيمة، فقد عادت المافيات إلى تمرير الشحنات الممنوعة، كما تم تعيين شخصيات عليها مؤشرات في المنافذ، وإذا بقي الحال على ما هو عليه لن يحصد البلد شيئاً من إيراداتها".


فيما أوضح مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون المالية أن نسبة الفقر في البلاد بلغت 30 بالمئة من مجموع السكان.


وقال مظهر محمد صالح، أن نسبة الفقر ارتفعت إلى نسبة 30 بالمئة بين أفراد الشعب العراقي، مشيرا إلى أن بين أولئك الفقراء،" مهجرون قدماء وعاطلون عن العمل، إضافة إلى أن هنالك أكثر من مليوني عائلة، أضيفت نتيجة جائحة كورونا التي اجتاحت العالم".


وتشير هذه النسبة إلى ارتفاع كبير للغاية في أعداد الفقراء، فبحسب بيانات رسمية فإن نسبة الفقر في العراق لم تكن تتجاوز 15 في المئة في العام 2013، ووصلت إلى 22 في المئة في السنة التي تلته.


وأظهر مسح الفقر لعام 2018 أن محافظة المثنى التي تعد ثاني أكبر محافظة في البلاد، تعد الأولى بأعلى نسبة فقر تصل إلى 52 في المئة، والتي تليها الديوانية 48 في المئة وميسان 45 في المئة وذي قار 44 في المئة.


وبلغت نسبة الفقر في محافظة نينوى 37.7 في المئة، تليها ديالى 22.5 في المئة، واسط 19 في المئة، صلاح الدين 18 في المئة، الأنبار 17 في المئة، البصرة 16 في المئة، النجف 12.5 في المئة، كربلاء 12 في المئة، بابل 11 في المئة.


وكانت نسبة الفقر الأقل في العاصمة بغداد 10 في المئة، تليها، دهوك 8.5 في المئة، كركوك 7.6 في المئة، أربيل 6.7 في المئة.


ويتظاهر مئات آلاف العراقيين للمطالبة بتغيير النظام السياسي ورحيل الطبقة الحاكمة المتهمة بالفساد، في بلد تعصف به الأزمات الأمنية والسياسية منذ عقود.


وعقب تلك التظاهرات أعلن رئيس الوزراء العراقي آنذاك، عادل عبد المهدي، عن استقالة حكومته في أواخر نوفمبر من العام 2019، قبل أن ينجح مصطفى الكاظمي في تشكيل في حكومة جديدة بعد مخاض عسير استمر لأشهر طوال.


ويعتبر العراق من الدول الغنية بالنفط والثروات والمعدنية والزراعية، غير أن فشل الحكومات المتعاقبة أدخلت البلاد في دوامة من الأزمات السياسية ومن تبعها من كوارث اقتصادية تركت آثارها القاسية على أبناء على الشعب، بحسب آراء الكثير من الخبراء والمراقبين.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار قناة دجلة الفضائية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :

أخبار أخرى

اكثر الاخبار قراءة

من برامجنا