صحيفة نيويورك تايمز تنشر 15 ألف وثيقة لداعش خلال سيطرته على الموصل

صحيفة نيويورك تايمز تنشر 15 ألف وثيقة لداعش خلال سيطرته على الموصل

عبر خمس رحلات خاضها صحفيو نيويورك تايمز لمناطق القتال في العراق جمعوا آلاف الوثائق التي تركها مسلحو داعش وراءهم بعد انهيار خلافتهم المزعومة.

وبعد أسابيع من سيطرة المسلحين على مدينة الموصل وطوافهم في شوارع المدينة بدءوا بإعادة كتابة القوانين للمدينة وتم إطلاق الاوامر عبر مكبرات الصوت من الجوامع. وكان التوجيه يشير الى أن جميع الموظفين الحكومين يجب أن يرجعوا لدوائرهم.

ولأجل ضمان وصول الرسالة لكل موظف لجأ المسلحون لاستخدام أرقام هواتف الموظفين الخلوية لتبليغهم، وعندما طلب أحد الموظفين الاعتذار منهم للمجيء بذريعة وجود ألم في ظهره، كان ردهم له بالقول: "إذا لم تأتِ سنقوم بكسر ظهرك بأنفسنا ."

كان رقم الهاتف يعود للموظف الحكومي محمد ناصر حمود البالغ من العمر 19 عاما ويعمل لدى مديرية الزراعة في المدينة الذي اضطر هو وزملاؤه للعودة الى مديريتهم ذات الطوابق الستة حيث شاهدوا الكراسي وقد صفت بشكل مرصفوف كما لو أن محاضرة ستلقى لهم.

وجلس القائد الجديد على كرسي وكان المسدس المربوط بساقه واضحاً الجميع وقال لهم بأن يستانفوا دوامهم الاعتيادي، وكانت ملاحظة قد علقت على الحائط تشير الى أن كل من سيتخلف عن الدوام سيعرض نفسه للعقوبة.

وحصلت لقاءات مثل تلك في مناطق متعددة من الموصل خلال العام 2014. وبعد فترة وجيرة رجع عمال البلدية لأعمالهم في تنظيف الطرقات وصبغ الارصفة وإصلاح أعمدة الكهرباء والإشراف على جدول الرواتب.

وقال حمود "لم يكن لنا خيار سوى الرجوع الى العمل. كنا نزاول نفس العمل الذي اعتدناه في السابق، باستثناء أننا أصبحنا نخدم مجموعة إرهابية ."

كل المناطق التي كان يحتلها داعش فقدها الآن ولكن ما تركه المسلحون وراءهم يساعد في الإجابة على كيفية بقائهم لفترة طويلة .

جزء من الجواب يمكن العثور عليه عبر أكثر من 15 ألف وثيقة لداعش حصلت عليها نيويورك تايمز خلال خمس رحلات للعراق طوال أكثر من سنة .

وتم الحصول على الوثائق من داخل "جرارات" المكاتب التي تركها المسلحون وراءهم حيث كانوا يجلسون على مكاتب مراكز الشرطة ومن طوابق محاكمهم ومخازن معسكرات تدريبهم ومن بيوت أمرائهم بضمنها وثيقة موقعة من قبل أمير تفصّل أوامر سجن مراهق عمره 14 عاما بتهمة الاستهزاء أثناء أداء الصلاة .

واستعانت الصحيفة الاميركية بخبراء خارجيين للتحقق من صحة عائدية الوثائق مع قضاء فريق من الصحفيين فترة 15 شهرا وهم يترجمون ويحللون الوثائق صفحة صفحة .

وتراوحت الوثائق بين معاملات بيع روتينية وتحويل ملكية أرض بين جيران وكذلك بيع طن من الحنطة، وكذلك فرض غرامة مالية لارتداء ثوب غير ملائم .

الوثائق كانت تكشف عن نظام داخلي معقد يحاكي نظام دولة وهو حلم كان يراودهم واعتقدوا أن بإمكانهم تحقيقه من خلال خلافتهم المزعومة. وقد حكموا من خلال الوحشية والبيروقراطية.

أوجد داعش مؤسسات إدارة دولة تجمع الضرائب وترفع النفايات من المنازل والشوارع، وقام بإدارة مكتب لعقد القران ويشرف على الفحوصات الطبية للزوجين لضمان ملاءمة صنف دمهم ويقوم ايضا بإصدار بيانات الولادة تحمل شعار التنظيم.

وأظهرت الوثائق ان التنظيم اتبع نظام الضرائب في جني الاموال وشملت الضرائب محاصيل الحنطة وبيع حليب الماشية وبيع محصول الرقي في السوق وكل شيء يتم بيعه في الاراضي التي يسيطر عليها، وقد جنى من قطاع الزراعة فقط عدة ملايين من الدولارات وهذا يشير الى ان التنظيم كان مكتفيا ذاتيا من اموال الضرائب وليس كما كان يشاع في السابق بأنه يعتمد على المانحين الخارجيين.

وأظهرت الوثائق دليلاً على أن قطاع الزراعة والتجارة كان المصدر الرئيس لدخل التنظيم واقتصاده وليس النفط فقط .

ويقول فواز جيرجس، مؤلف كتاب تاريخ تنظيم داعش: "لقد وصف تنظيم داعش على انه وحشي وهذا صحيح، وكذلك بربري وهذا صحيح أيضا، ولكن في الوقت نفسه أدرك هؤلاء الحاجة للحفاظ على المؤسسات، لقد كانت قدرة التنظيم على الحكم الإداري بقدر خطورته كتنظيم مسلح ."

واتبع التنظيم إعادة تسمية الدوائر الحكومية بحسب عناوينهم الخاصة فاستبدلوا اسم مديرية الزراعة الى ديوان الزراعة، واستبدال مركز الشرطة باسم ديوان الحسبة، وتم إبلاغ الموظفين بأنه لم يعد عليهم حلاقة ذقنهم وأن لا يصل ذيل بنطالهم تحت كاحلهم .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار قناة دجلة الفضائية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :

أخبار أخرى

اكثر الاخبار قراءة

من برامجنا