المرحلة الجديدة بحاجة إلى قيادة جديدة وقادة جدد

المرحلة الجديدة بحاجة إلى قيادة جديدة وقادة جدد


شوان داوودي
طرأت على المعادلة السياسية العراقية متغيرات كبيرة، من المتوقع ان تنعكس تأثيراتها على الخارطة الادارية والنظام السياسي في البلد، حيث تتحرك اللعبة السياسية على المستوى الدولي والاقليمي بسرعة فيما لا يبدو ان للاعبين المحليين في العراق المقدرة على مجاراتها، والسبب هو انهم اما لم يفهموا اللعبة او انهم يتغابون عنها ولا يريدون فهمها. وقد توزعت كل القوى والاطراف العراقية ومن كل المكونات الشيعية والسنية والكردية على الاقطاب الرئيسية في اللعبة الكبيرة واقامت معها روابط متباينة، وباتت هذه الاطراف تحرص بقدر كبير على مصالح واهداف اللاعبين الكبار اكثر من حرصها على مصالح الارض والوطن،واصبحت شعاراتها حول المصالح العليا للشعب في عموم العراق وهم، ولم يعد اي طرف او قوة تؤمن بهذه الشعارات، بل ويشتغل عمليا بالضد منها وخلافا للدستور والقوانين والاتفاقات والقَسَم القانوني والدستوري. و فقدت الدولة المعروفة الان باسم العراق واقعيا مقوماتها كدولة، وباتت مؤسساتها تشهد يوما بعد يوم تراجعا امام قوة وسيطرة المؤسسات الحزبية، وحرص المتنفذون بالسلطة على ان يكونوا رجال سلطة لا رجال دولة، وارتفعت المصالح الحزبية والدينية والمذهبية والقومية والاثنية كثيرا فوق المصالح العليا للشعب والوطن، وفي بعض المسائل الحساسة ترتفع المصالح الشخصية احيانا فوق مجموع المصالح كلها. لذا فالبلاد اليوم بحاجة الى اشخاص يمتازون بالشجاعة والجرأة يسلمون بهذه الحقائق وينأون بانفسهم عن الشعارات والخطابات العاطفية والوهمية.
الوطن بحاجة اليوم الى اناس صادقون مع انفسهم قبل كل شيء، قادرون على التخلي عن مصالحهم الشخصية والحزبية، ويعكفوا على البحث عن حلول مناسبة بعيدا عن الشعارات، حلول لا تنكأ الجروح مرة اخرى ولا تعتبر سيناريو قتلنا لبعضنا البعض وتخريب البيوت والمدن نصرا لها، ان لا نقوم مرة اخرى بأنفلة بعضنا البعض, وقصف المدن بالاسلحة الكيمياوية، وان لا يقوم هذا الجيش الذي نحتفل بعيد تاسيسه في السادس من كانون الثاني من كل عام، بالهجوم على مدننا وقتلنا.
الوطن للمواطن، والوطن الذي لا يجر على المواطن الا المصائب والمحن لا معنى له، فالمواطن لا يشعر بالانتماء الى وطنه الا اذا كان هذا الوطن مكانا لديمومة حياته وسعادتها، لذا فانتماءنا نحن مواطنوا هذا البلد الى الدين, والقومية, والحزب, والمذهب, اكبر بكثير من انتماءنا الى الوطن, بل ان الوطن ما هو الا مظلة نستخدمها لاطلاق الشعارات فقط.
لقد جربنا بعضنا البعض وفعلنا كل شيء من اجل الغاء الاخر, ولا نزال لا نقر ببعضنا البعض ونمارس الكذب جميعا، لا احد يريد وحدة العراق، ولا احد يريد وجود دولة مؤسسات قوية، ولا جيشا قويا، ولا احد يحب الاخر!, بل نجامل بعضنا البعض في الوقت الذي نعتبره هوعدوا لنا، ونتحين على بعضنا الفرص, ونرى في خسارة الاخر نصر لنا, ونجاحه فشل لنا!، ونعمل على افشال الاخر بالقدر الذي لو عكسناه لنجاح بعضنا البعض لاصبحنا في مصاف الدول الناجحة في العالم.
العراق لم يعد مهتما بانفصال اقليم كردستان ويتصرف عمليا على فصله عنه، واقليم كردستان لم يعد يرى في كركوك الاهمية السابقة ذاتها, لانه بات يمتلك ثروة نفطية، والكركوكيون خفتت حماستهم السابقة الداعية للالتحاق بالاقليم, وملوا من هذه الشعارات، الشيعة يعتبرون ضمان أمن بغداد وحزامها اهم بكثير من تحرير الموصل واعادة اعمار المدن السنية، السنة الذي كانوا يقاتلون على الدوام من اجل وحدة العراق, اصبحوا بين فكي رحى داعش السني والحشد الشيعي، والتفكير في كيفية التحرر من الاثنين انساهم التفكير بالعراق.
ان الوطن المسمى العراق، اصبح كذبة كبيرة في ان يكون مصدر رفاه وعيش وسعادة للمواطن العراقي، ومن اجل ان ينجوا المواطن من هذه الكذبة الكبيرة فهو بحاجة الى قيادة, وقادة جدد يكونوا في مستوى التطورات الكبيرة المتلاحقة لان القيادات الحالية ليست في مستوى اللعبة الكبيرة القائمة ولاتستطيع الخروج من معمعة هذه الكذبة المسماة الوطن الذي لا يجد المواطن فيه نفسه




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار قناة دجلة الفضائية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :

أخبار أخرى

اكثر الاخبار قراءة

من برامجنا