الحرب البرية ضد داعش والدور الأردني

الحرب البرية ضد داعش والدور الأردني

مؤكد أن الحرب البرية ضد داعش ستكون قاسيةً ومريرةً ومكلفة، ولا شك أن لا أحد يريد خوضها، رغم طلب أوباما من الكونجرس تفويضاً بذلك، ورغم زيارة رئيس الأركان الأردني لبغداد لتنسيق المواقف العسكرية مع جيش يخوض فعلياً الحرب البرية ضد هذا التنظيم، ولكن السؤال الذي تطرحه التطورات الأخيرة المتسارعة هو هل يملك أحد في المنطقة حق الاختيار؟، وهل ذلك ممكن بغير التعاون مع الرئيس الأسد، أو اعتبار إسقاطه الجزء الأهم في تلك الحرب، إن جارينا مقولة أن ما يجري في سوريا اليوم هو حرب طائفية، تُغلّف حرب نفوذ بين دول غير عربية تتصارع على بسط سيطرتها على المنطقة، وهل هناك غير تركيا والأردن من هو مؤهل لخوض تلك المعركة، التي يبدو أنها قادمة شئنا أم أبينا.
واضح أن الطريقة التي أعدم بها الطيار الأردني في عاصمة دولة الخرافة، وحدت الأردنيين خلف سياسات دولتهم في الحرب ضد داعش، وأنهم مستعدون اليوم للقبول بمخاطر الحرب البرية، بعضهم بدافع الثأر، والبعض بسبب المخاوف من توسع الرقعة الجغرافية لدولة الدواعش على حساب الأردن، وهو جزء من بلاد الشام نشأ بعد اتفاقيات سايكس بيكو، المرفوضة حدودها من الخليفة البغدادي، والمؤكد هنا أن أي حرب برية تمتد من درعا إلى الرقة لابد أن تمر بدمشق، فهل تخطط عمان لأن يمر الجيش الأردني بالتوافق مع الأسد، أم بإطاحته وخلق واقع سياسي جديد تتغير معه قواعد اللعبة، بحيث لاتقتصر عمليات التحالف الدولي على الغارات الجوية التي لم تؤدي حتى الساعة للنتائج المتوخاة، لكن الأردن لايستطيع القيام بالمهمة منفرداً، وهو بحاجة لأن يقود تحالفاً عربياً واسعاً يدعمه الغرب بقوة وفاعلية، ليبلغ النصر العسكري على داعش مع الأسد أو بدونه.

تركيا بالطبع مستعدة لخوض حرب برية للتخلص من بشار، وليس من الخليفة الذي تفرجت على غزواته، وربما تواطأت معه بفتح حدودها لشذاذ الآفاق الجهاديين الذين تدفقوا من أربع أنحاء الأرض، مدفوعين بطائفيتهم أو مخدوعين بإمكانية العودة بالتاريخ إلى الوراء، غير أن التدخل التركي لن يحظى برضى طهران ولا موسكو، وكلاهما تريان في الأسد الرئيس الشرعي للدولة السورية، وإن انحسر نفوذه عن كامل ترابها، وتقلصت سلطته إلى أقل من المساحة التي يسيطر عليها أعداؤه وهم كثيرون، بعضهم من الطائفة السنية، المنقسمة الولاء اليوم بين داعش والقوى المناوئة للنظام، والبعض من الحالمين بإعادة بناء امبراطوريات عفى عليها الزمن، وآخرين يحلمون بإعادة رسم خرائط المنطقة لتوسيع حدود دولهم، أو المحافظة عليها على أقل تقدير.
يروج دعاة الطائفية لحلول تقضي بتخليق قيادة سنية "معتدلة"، تعمل على مواجهة واحتواء المجموعات المتطرفة وتضمن حقوق الأقليات، ويرى هؤلاء إمكانية أن يلعب الأردن دوراً فاعلاً في هذا المضمار، ويحاولون الترويج لفكرة خيالية مستحيلة التطبيق، تقضي بمنح العاهل الأردني حق الوصاية على سوريا باعتباره زعيماً معتدلاً، يحظى بعلاقات ممتازة مع الغرب، ومقبول من الطائفة السنية التي تحارب الأسد، ويمكنه ضمان أمن إسرائيل، ويعتمدون على سابقة وصايته على المقدسات الإسلامية في القدس، وهي مشكوك بنجاحها، رغم أن مساحتها لاتعادل الواحد في العشرة ملايين من الجغرافيا السورية.
لم يسأل أحد إن كان الشعب السوري، رغم معاناته المستمرة منذ أربع سنوات من حرب عبثية أفقدته أكثر من 100 ألف قتيل، ودمرت اقتصاده مع البنية الأساسية التحتية يقبل بحل كهذا، أو إن كانت المعارضات السورية المنغمسة في الفوضى والفساد المالي والإداري، والطامحة للزعامة ولو على ما يتبقى من الدولة السورية ترضى بتنصيب عبد الله الثاني زعيماً لها، وهي التي فشلت حتى اللحظة بتحقيق أي انتصارات فعلية، وخسرت مناطق كانت تسيطر عليها لدولة الخلافة ويقال باعتها لها، وتعيد السبب في ذلك إلى التقاعس الدولي عن دعمها، وكأن على العالم تجنيد قوته ليحقق لها النصر وتقاسم الغنائم، ولم يسأل أحد إن كان العلويون والدروز والمسيحيون وهم أبرز الأقليات، يمكن لهم الخضوع لحلول كهذه، ولم يسأل أحد إن كانت دول أخرى مجاورة لسوريا كالعراق و"دولة حزب الله في لبنان" يمكن أن ترضى بذلك.
حازم مبيضين





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار قناة دجلة الفضائية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :

أخبار أخرى

اكثر الاخبار قراءة

من برامجنا